وقد كانت أنكحة الجاهلية فيها كثير أبطله الإسلام كبغاء الشريفات وغيرهن. وفي سورة الواقعة {وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ} وفي سورة الأعراف: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آَبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} وفي سورة النور {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا}. وكانت ربما طافت المرأة عارية وقالت من يعيرني تطوافًا بكسر التاء أي شيئًا تستتر به.
هذا ولما أبطل الإسلام ما أبطله من أمر الجاهلية، تأدب الناس بأدبه فبنو عذرة كانوا سدنة ود واسم ود يدل على أنه كان من آلهة الحب والحنث. والعذرة من المرأة معروفة فلأمر ما صار بنو عذرة سدنة ود بفتح الواو أو ضمها وإلى بني عذرة ينسب الحب العذري، ومعناه الابتعاد عن مس العذرة عفافًا وصبرًا. ويبدو أن أصله الجاهلي الإشراكي القديم كان على خلاف ذلك.
وبنو حن بن عذرة كانوا أهل بأس وشوكة وهم أعانوا قريشًا على خزاعة لأنهم كانوا خئولة قصي، وذلك مذكورٌ في السيرة في خبر رزاح بن ربيعة. وعبادة العزي كانت في قريش قالوا وكانت العزى أحب آلهتهم إليهم. وقول النابعة في الميمية وقد سبق الاستشهاد بها:
حياك ربي فإنا لا يحل لنا ... لهو النساء وإن الدين قد عزما
ينبئ أن حج الجاهلية كما كان موسمًا لضروب من الإباحة والحنث والفواحش التي كان يزعم لها أصحابها أن الله أمر بها، وجل سبحانه وتعالى أن يكون يأمر بالفحشاء، ولكن زين لهم الشيطان أعمالهم. ونحو قول عمر بن أبي ربيعة:
وكم من قتيل لا يباء به دمٌ ... ومن غلقٍ رهنًا إذا ضمه مني