ومن مالئ عينيه من شيء غيره ... إذا راح نحو الجمرة البيض كالدمى
يسحبن أذيال المروط بأسواقٍ ... خدالٍ وأعجاز مآكمها روى
تأمل ههنا تجد حيوية وحركة وخطوطًا لا تمثالًا يعرى ويكسى، وإن يك معنى من ذلك كنينًا في هذا الوصف كما ترى.
أوانس يسلبن الحليم فؤاده ... فيا طول ما شوقٍ ويا حسن مجتلى
مع الليل قصرًا رميها بأكفها ... ثلاث أسابيع تعد من الحصى
أي مع إقبال الليل، قصرًا أي وقت العصر، ترمي بأكفها إحدى وعشرين حصاة عددنها حين الرمي. أسابيع هنا بمعنى سبعات الرمي.
فلم أر كالتجمير منظر ناظرٍ ... ولا كليالي الحج أفلتن ذا هوى
فههنا بقية من معاني حنث العزى -خضد الإسلام شوكتها فصار ما كان من فواحش حلاوة مزاح وفكاهة حديث وأبيات غزل. وما أرى ضلالًا في الرأي أكبر مما ذهب إليه بعضهم من أن انحلال ترف الحياة في الحجاز هو السبب الاجتماعي الذي يمت إليه غزل عمر وأضرابه. فالقائلون بهذا القول ينسون أن الحجاز كان موطن الفقه والنسك والعبادلة وتلاميذهم كعطاء ومجاهد وعكرمة وموطن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وهشام بن عروة وابن عمر وتلاميذه وموطن نافع ومالك وابن إسحاق- نعم لا يخلو من اللهو زمان أو مكان. ولكن الزعم لمجتمع كان أمر الدين عليه أغلب أنه كان مجتمع انحلال، ذلك خطأ بلا ريب.
وفكاهة الحديث، مهما يكن فيها من آسان الجاهلية، مما هو ليس بشرك بعد أن ذهبت دعوة الإسلام بكل شرك، ليس بفواحش ولا برفث. ولذلك ما رووا خبر