وهي مما أثبته الدكتور طه حسين حوار وأخبار. وكذلك في معلقته:«أمن أم أوفى دمنة لم تكلم». وفي نونية المثقب حواره مع ناقته:«أهذا دينه أبدًا وديني». فالذي في معلقة امرئ القيس من الحوار ليس بخارج من هذا النطاق.
وقال عبد الله بن سلمة الغامدي من شعراء المفضليات:
ولم أر مثلها بوحاف لبن ... يشب قسامها كرمٌ وطيب
على ما أنها هزئت وقالت ... هنون أجن منشأ ذا قريب
فإن أكبر فإني في لداتي ... وعصر جنوب مقتبل قشيب
قولها هنون: أي يا هؤلاء، يا رجال، أجن صاحبكم هذا والحوار في القرآن كثير.
وحديث النساء جاء في سور من القرآن- منهن سورة يوسف وفيه قول امرأة العزيز:{وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ} وقولها: {مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا} وهو من باب مكرهن وقول النساء- قال تعالى:{وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا} وهذه بعض الأمثلة من سورة يوسف، بله أحاديث يوسف وأخوته وأبيهم عليهم السلام وحديث العزيز والملك وأرباب السجن. وفي سورة هود:{يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا} وحوار سيدنا لوط وسيدنا شعيب وسائر الأنبياء ولا سيما حوار موسى وهارون عليهم السلام أجمعين وخبر ابنتي شعيب: {قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} الآية- {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} الآية- {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} الآية وسورة مريم وسورة الإسراء وسورة الفرقان وسائر القرآن فيه معجز من الحوار بين الرسل وقومهم وبين غير ذلك مما قصه علينا الكتاب الحكيم- فالمسلمون في صدر الإسلام كانوا أسرع شيء إلى احتذاء نهج القرآن والتأثر ببلاغته وأساليبه، فنسبة استعمال الحوار إلى عمر أنه ابتكره، حتى على تقدير التسليم أن شعراء الجاهلية لم