يكونوا يستعلمون الحوار، غير الصواب. هذا مع علمنا أن الجاهلين كما قدمنا كانوا يعرفون الحوار وهو في أساليبهم كثير لا يتصيد تصيدًا في المثل والمثلين وحسبك المعلقات دون سواها (١).
وقال كعب بن زهير وهو قبل عمر:
تسعى الوشاة جنابيها وقولهم ... إنك يا ابن أبي سلمى لمقتول
فقلت خلوا سبيلي لا أبالكمو ... فكل ما قدر الرحمن مفعول
وقال النجاشي الحارثي وحاسبه عمر رضي الله عنه على ذلك وابن أبي ربيعة ما ولد إلا ليلة مات عمر رضي الله عنه:
وما سمي العجلان إلا لقولهم ... خذا القعب واحلب أيها العبد واعجل
وقال الشماخ في الحلفة التي حلفها زمان أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه:
يقولون لي يا احلف ولست بحالف ... أراوغهم عنها لكيما أنا لها
وقد أنشد سحيم بائيته عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفيها قوله:
أشارت بمدراها وقالت لتربها ... أعبد بني الحسحاس يزجي القوافيا
رأت قتبارثا وسحق عباءة ... وأسود مما يملك الناس عاريا
فقوله «أشارت بمدراها» كأنه من نظم أصحاب الغزل القديم، وقد جاء به عمر حيث قال:
أشارت بمدراها وقالت لتربها ... أهذا المغيري الذي كان يذكر
(١) () قال ابن رشيق في قراضه الذهب: ومن محاورات امرئ القيس التي تقدم فيها وفات الناس «تقول وقد جردتها من ثيابها. كما رعت مكحول المدامع اتلعا وعيشك لو شيء أتانا رسوله. سواك ولكن لم نجد لك مدفعا» فأخذه ابن أبي ربيعة وهو من المشهورين في هذا المذهب والمجددين فيه- ص ٤٢ طبع تونس سنة ١٩٦٢ تحقيق الشاذلي بو يحيى وأورد ابن رشيق قول ابن أبي ربيعة وناهدة الثديين الببيتين. أ. هـ.