للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود:

شققت القلب ثم ذررت فيه ... هواك فليم فالتأم الفطور

تغلغل حب عثمة في فؤادي ... فباديه مع الخافي يسير

أي هذا الذي يظهر منه هو شيء قليل بالنسبة إلى ما أخفيه منه.

تغلغل حيث لم يبلغ شراب ... ولا حزنٌ ولم يبلغ سرور

هذه غاية في الرقة والروحانية. ومع حرارة العاطفة وصدق البيان هنا، أيضًا، فكر عميق.

وقد كان الحجاز الموطن الأول للفقه والعلم. وظهر أثر ذلك في الشعر. وأثر لا في شعر الحجازيين وحدهم- مثل كثير، وتجويده وعمق تفكير في شعره لا يخفى، وأستاذه جميل الذي وصف بصدق الصبابة لغلبة صدقه في الحب على طريقته في تعمق معاني الحب، وعمر الذي لا يفتر من الإشارة إلى المعاني الفقهية في فكاهاته والأخذ من حوار القرآن، ولكن في سائر شعراء العرب من بالعراق ومن باليمن منهم ومن بالبادية منهم وبالشام. ولا ريب أن ههنا نظرة تفكير وتأمل في هذه الأبيات من شعر ابن الدمينة:

وقد زعموا أن المحب إذا دنا ... يمل وإن النأي يشفي من الوجد

بكل تداوينا فلم يشف ما بنا ... علي ذاك قرب الدار خيرٌ من البعد

على أن قرب الدار ليس بنافع ... إذا كان من تهواه ليس بذي عهد

ولم يكن ابن الدمينة من الفقهاء ولكن من بادية خثعم.

تأمل ما قاله ابن أذينة وكان من العلماء وأهل الفكر في قريب من هذا المعنى:

إلفان تعنيهما للبين فرقته ... ولا يملان طول الدهر ما صنعا

مستقبلان نشاصًا من شبابهما ... إذا دعا دعوة داعي الهوى سمعًا

<<  <  ج: ص:  >  >>