للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدكنة والنبت مما ليس في الموارد السماويات من عند دومة خبت إلى يبرين ومكان الترنم بالمواضع يزيد روح الحنين قوة.

وتأمل قوله وهو مما خلطت فيه اللوعة بالحنين وحلاوة الغزل:

أهوى أراك برامتين وقودا ... أك بالجنينة من مدافع أودا

بان الشباب فودعاه حميدا ... هل ما ترى خلقًا يعود جديدا

يا صاحبي دعا الملامة واقصدا ... طال الهوى وأطلتما التفنيدا

إن التذكر فاعذلاني أودعا ... بلغ العزاء وأدرك المجلودا

أي وصل إلى حيث العزاء والتسلي فأزاله وأدرك مكان الجلد والتصبر فذهب بكل تجلد وصبر.

لا يستطيع أخو الصبابة أن يرى ... حجرًا أصم ولا يكون حديدا

هذا من القرآن كما ترى {قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (٥٠) أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ} [الإسراء]، فإن يكن جريرًا أخذ من الأحوص قوله:

إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى ... فكن حجزًا من يابس الصخر جلمدا

فقد أخفى الأخذ وذهب به، لنظره إلى القرآن، مذهب توليد أيما بارع وإن لم يكن أخذ من الأحوص فهو بذلك حقيق، إذا التأثر بالقرآن في شعره كثير ظاهر.

أخبلتنا وصددت أم محلم ... أفتجمعين خلابة وصدودا

الهمزة والفاء والواو العاطفة من خاص أسلوب القرآن. والأعشى قد نظر إليه في هذا ومرت أبيات من هذا المجرى في بائيته التي استشهدنا بها في الضرب الرابع.

إني وجدك لو أردت زيادة ... في الحب عندي ما وجدت مزيدا

<<  <  ج: ص:  >  >>