للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الماء من موقع في نفس العطش الصدى، وصار الأمر ليس لذة وتمتعًا كما كان يصفه الشاعر الجاهلي، ولكن حرارة ولوعة، تشتد الحاجة إلى إطفائها -وشتان ما بين الشيء الذي يلتمس لمتعة فينال، والذي يطلب من أجل احتياج إليه ويمنع. التشبيه من نوع إسلامي مألوف، نحو منه قول القطامي:

فهن ينبذن من قول يصبن به ... مواقع الماء من ذي الغلة الصادي

وهو قبل كلمة جرير هذه؛ لأنه من قصيدة قيلت في مدح زفر بن الحارث وذلك قبل زمان معاوية بن هشام بن عبد الملك الذي قيلت فيه هذه الدالية الجريربة والقطامي يتحدث عن منالة وجرير عن حرمان وهذا مكان الالتياع.

كم دون بابك من قوم نحاذرهم ... يا أم عمرو وحداد وحداد

هل من نوال لموعود بخلت به ... وللرهين الذي استغلت من فادي

لو كنت كذبت إذ لم تؤت فاحشة ... قومًا يلجون في جور وإفناد

لا جرم نظر جرير إلى دالية القطامي نظرًا شديدًا من طرف مختلس لذلك النظر الشديد- تأمل محاكاة الإيقاع في «قومًا يلجون في جور وإفناد» لقول القطامي (واسمه عمير بن شييم):

من مبلغ زفر القيسي مدحته ... من القطامي قولًا غير إفناد

ثم يقول جرير:

فقد سمعت حديثًا بعد موثقنا ... مما ذكرت إلى زيد وشداد

تعداد الأسماء هنا ينظر أيضًا إلى القطامي في بيته المتقدم. وحلاوة الفكاهة ههنا من جرير إلى سامعي شعره. وحرارة العاطفة من جرير إلى ليلى نسيبه. فههنا لونان شريجان من التعبير.

حي المنازل بالبردين قد بليت ... للحي لم يبق منها غير أبلاد

<<  <  ج: ص:  >  >>