أخرى، التفت إليها الشاعر، أو لعلها امرأته، كما هو قد أسن هي أيضًا قد أسنت، فتنكر عليه هذا التصابي. وحمل الخليفة -أو من بمجراه- (إن صحت الرواية) - هذا الاسم على أنه علم المشبب بها ففتر طربه من أجل ذلك. على أن ابن قتيبة لم يخل في الذي ذهب إليه من تنطس أذواق أهل عصره. وجرير من أدق الشعراء اختيارًا للفظ ومن أسمحهم طبعًا وأنصعهم ديباجة. والبزيع في اللغة من معانيها الظريف والغلام الحدث الذي يتكلم ولا يستحي، فالقصد إلى التلقيب بهذا المعنى لامرأة غير المتغزل بها وهي امرأته، أو بالمتغزل بها على أنها امرأته وهو يفاكهها، يستقيم عليه المعنى الذي أراده الشاعر كل الاستقامة. واشتقاقه اسم بوزع لا يخلو من مرح- بل هو مرح جدًّا لو تفطن المرء إليه في سياقه:
وتقول بوزع قد دببت على العصا ... هلا هزئت بغيرنا يا بوزع
ولقد رأيتك في العذارى مرة ... ورأيت رأسي وهو داج أفرع
هذا يوهم أن المتغزل فيها امرأته، شابت كما شاب- وهذا كمذهب معاوية الحكماء في أبياته التي أولها:
أجد القلب من سلمى اجتنابا
وهي مفضلية وقد ذكرنا منها في ما تقدم من هذا الكتاب. وقول جرير من بعد يشهد بأن المشيب بها غير بوزع الهازئة:
كيف الزيارة والمخاوف دونكم ... ولكم أمير شناءة لا يربع
أي لكم زوج بغيض شتيم غيور.
يا أثل كابة لا حرمت ثرى الندى ... هل رام بعدي ساجر فالأجرع
حيوا الديار وسائلوا أطلالها ... هل ترجع الخبر الديار البلقع