فصارت العفة ههنا خلافة أو عهد طريقة أو ولاء ديني.
يولع الطل بردينا وقد نسمت ... رويحة الفجر بين الضال والسلم
وأكتم الصبح عنها وهي غافلة ... حتى ترنم عصفور على علم
فقمت أنفض بردا ما تعلقه ... غير العفاف وراء الغيب والكرم
وظاهر أن البرد تعلقه التراب والتنفيض مأخوذ من عبد بني الحسحاس ولم يدع عفافًا.
وألمستني وقد جد الوداع بنا ... كفا تشير بقضبان من العنم
وألثمتني ثغرًا ما عدلت به ... أرى الجني ببنات الوابل الرذم
ثم انثنينا وقد رابت ظواهرنا ... وفي بواطننا بعد عن التهم
وبعض التأمل يسند حجة من قال بأن هذا من كلام الشريف ومنهجه الغزلي متكلف غاية التكلف، لا فيه حلاوة زخارف صناعة أهل البديع مثل:
وأمطرت لؤلؤًا من نرجس وسقت ... وردًا وعضت على العناب بالبرد
ولا حرارة صبابة أهل التبدي مثل قوله توبة:
حمامة بطن الودايين ترنمي ... سقاك من الغر الغوادي مطيرها
علي هدايا البدن إن كان بعلها ... يرى لي ذنبًا غير أني أزورها
وكنت إذا ما زرت ليلى تبرقعت ... فقد رابني منها الغداة سفورها
ههنا العفاف حق العفاف.
أما قوله: «وأمست الريح كالغيرى» فهو قول عبد بني الحسحاس:
وهبت شمال آخر الليل قرة ... ولا ستر إلا ثوبها وردائيا
والحسحاسي ألطف مأتى من الشريف؛ لأنه جعل الثوبين سترًا -إذ لم يكن