وقد أضرب الشريف عن ذكر الخمر فجعل ثغر حبيبته أرى الجني، أي عسلًا مما تجنيه النحل، ممزوجًا بماء المزن الصافي- وهذا تشبيه إسلامي مختصر من التشبيه الجاهلي ومراعى فيه جانب التحريم وقد جاء به المرار حيث قال:
لو تطعمت به شبهته ... عسلًا شيب به ثلج خصر
وقال المعري في مرثيته لأبي الشريف الرضي. يذكر المرتضى وأخويه ونار القرى عندهما:
نار لها ضرمية كرمية ... تأريثها إرث عن الأسلاف
تسقيك والأري الضريب ولو عدت ... نهي الإله لثلث بسلاف
ولم يكن المعري يخلو من فكاهة ذات خبث خفي، فهل ألمع ههنا إلى مذهب الشريف في التحرج عن ذكر الخمر في نحو هذا من غزله واكتفائه بالأري أي العسل مكانها.
وقول الشريف:«ثم انصرفنا وما رابت ظواهرنا إلخ» من قول أبي الطيب:
توهم القوم إن العجز قربنا ... وفي التقرب ما يدعو إلى التهم
كان الشريف رحمه الله ذا علم وأدب جم وكان عظيم القدر قريب المنزلة من الخليفة، بل لعله كان أعظم نفوذًا منه لأن أصحاب الدولة من بني بويه والديلم كانوا شيعة وكان هو للأشراف نقيبًا. وذلك هو الذي جسره على أن يقول للخليفة:
ما بيننا يوم الفخار تفاوت ... أبدًا كلانا في المكارم معرق
إلا الخلافة ميزتك فإنني ... أنا عاطل منها وأنت مطوق
شعور الشريف بحسبه ونسبه واستحقاقه أن يكون هو ولي الأمر كان عظيمًا كعظمة قدره عند نفسه وعند الناس. وكان ذا ملكة في الشعر. إلا أنه لم يكن أشعر