للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول عمر

دميةٌ عند راهب ذي اجتهاد ... صوروها بجانب المحراب

ولكن غيلان قد سبق ليوناردو، فينبغي أن يكون هذا قد أخذ فكرة رسمه منه. وقد يذكر أن ليوناردو سافر إلى بلد المسلمين وكان يعرف العربية، فتأمل وقول ذي الرمة:

ورملٍ كأوراك العذارى لبسته ... وقد لبسته المدجنات الحنادس

نعت للرمل صريح وللأوراك ضمني كصريح -وهذا الضرب المتداخل من النعت من طريق التشبيه والاستعارة كثير عند ذي الرمة- وتأمل قوله:

براقة الجيد واللبات واضحة ... كأنها ظبيةٌ أفضى بها لبب

اللبب ما استرق وامتد من الرمل.

بين النهار وبين الليل من عقدٍ ... على جوانبه الأسباط والهدب

ههنا صورة الظبية وقد امتد جيدها وهي خارجة من معظم الكثيب إلى مسترقه والوقت أصيل قد ألقى أضواءه على أمواج الرمال، وعلى أغصان الشجر وعلى متني الظبية. نعت المرأة كأنه وسيلة إلى هذا النعت المضمن في المشبه به. على أن صورة جيد المرأة ولباتها بعد مشرقة واضحة.

والوصف الضمني المذهل، أكثر ما يقع في الصور المنتزعة من التجارب المألوفة كالذي مر من مقال ابن الرقاع وكقول امرئ القيس:

كأن ذرا رأس المجيمر غدوة ... من السيل والغثاء فلكة مغزل

وقوله:

وليل كموج البحر أرخى سدوله ... علي بأنواع الهموم ليبتلي

<<  <  ج: ص:  >  >>