تسقى مذانب قد زالت عصيفتها ... حدورها من أتى الماء مطموم
وأبيات زهير القافية وقد وصف فيها الناقة وأداة السانية والنخل وشربات الماء والفلاح صاحب السانية الذي يحيل في الجدول وهو يتغنى والسائق الذي يحث الناقة:
وخلفها سائق يحدو إذا خشيت ... منه اللحاق تمد الصلب والعنقا
وقابلٌ يتغنى كلما قدرت ... على العراقي يداه قائمًا دفقا
يحيل في جدول تحبو ضفادعه ... حبو الجواري ترى في مائه نطقا
يخرجن من شرباتٍ ماؤها طحل ... على الجذوع يخفن الغم والغرقا
وقد أخذ بعضهم على زهير قوله «يخفن الغم والغرقا» بحجة أن الضفادع لا تغرق. وما أرى إلا أن زهيرًا قد انتقل من صفة السانية والناقة التي يستقي عليها والبستان إلى صفة بكائه هو حيث قال:
كأن عيني في غربي مقتلةٍ ... من النواضح تسقي جنةً سحقا
فالغرق ما أغرق إنسان عينه من الدمع- قال ذو الرمة وهو من شراح الشعر وعلمائه ومحسنيه:
وإنسان عيني يحسر الماء تارةً ... فيبدو وتارات يجم فيغرق
وقد حاكى غرق ضفادع زهير في نعته عينًا من الماء مطحلبة من بائيته وذلك حيث قال:
قغلست وعمود الفجر منصدعٌ ... عنها وسائره بالليل محتجب
عينا مطحلبة الأرجاء طاميةً ... فيها الضفادع الحيتان تصطخب