وقد تناول الأستاذ العلامة محمود محمد شاكر هذه الزائية بالتعليق والتحليل في سفره الفذ النفيس «القوس العذراء» - جمع في طريقة نظمه بين عناصر الحوار الحي والقصص والتأمل والتحليل، كل ذلك في سلاسة رائعة ورنة. إيقاع متدفق فنحيل القارئ الكريم إليه إن شاء الله.
هذا وإنما يستطرد الشعراء إلى الوصف بالتشبيه الطويل لأن الوصف من أغراض الشعر أمر مقصود لذاته. يراد به الإمتاع ويراد به إظهار القوة على سحر البيان، وذلك مما تسمو به منزلة صاحبه؛ لأن القوة على سحر البيان تنبئ عن سر من أسرار الروح كمينٍ في صاحبها يرتفع به فوق المألوف من سائر ما عليه منازل الناس.
وقال أبو الطيب المتنبي:
أمط عنك تشبيهي بما وكأنه ... فما أحدٌ فوقي وما أحدٌ مثلي
وكأن الكاف وما أشبهها من أدوات التشبيه معروفة. وقل ما تذكر «ما» في أدوات التشبيه. وهي بلا ريب من أدوات التشبيه الطويل نحو قول الأعشى:
وما مزبدٌ من خليج الفرا ... ت جونٌ غواربه تلتطم
الأبيات إلى قوله:
بأجود منه بما عنده ... إذا ما سماؤهم لم تغم
وقول النابغة:
وما الفرات إذا جاشت غواربه ... ترمي أواذيه العبرين بالزبد
إلى قوله:
يومًا بأجود منه سيب نافلة ... ولا يحول عطاء اليوم دون غد