للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه مما يكون وسيلة إلى الأوصاف- إذ يشبهون المطية بالنعامة وبالبقرة الوحشية والثور الوحشية والحمار الوحشي. ووصف مظاهر البيئة والطبيعة قوي الصلة بذلك. على أن أكثر ما يصاحب صفة سير الإبل نعت الصحراء ليلها ونهارها. ويقع نعت الرياض والخضرة مع ذكر الأطلال والظعائن والدموع.

ووصف الإبل في غير السير أكثر ما يقصد به إلى معنى المال والمرعى والخصب كالذي في آخر ميمية علقمة. وكقول عنترة:

ما راعني إلا حمولة أهلها ... وسط الديار تسف حب الخمخم

فيها اثنتان وأربعون حلوبة ... سودًا كخافية الغراب الأسحم

فهذه إبل كانت في المرعى، راع عنترة أنه احتمل بها، فدله ذلك على ما صار حتمًا من فراق الأحباب.

وكوصف زهير الإبل الحمالة والديات حيث قال:

فكلا أراهم أصبحوا يعقلونه ... صحيحات مالٍ طالعات بمخرم

وكوصف حميد بن ثور وكان وصافًا للجلبانة بضم الجيم واللام وتشديد الباء المفتوحة أي المرأة الكثيرة الصخب، حيث قال يذكر الإبل:

إذا ما دعا أجياد جاءت خناجرٌ ... لها ميم لا يمشي إليهن قائد

ولنا إلى هذه الكلمة رجعة إن شاء الله تعالى.

وإنما سمي عبيد بن حصين راعي الإبل، لوصفه إياها. وبه فيما ذكروا اقتدى ذو الرمة.

وقد كان ذو الرمة وصافًا للطبيعة في نوع من روح اتحادٍ وجداني مع مختلف مظاهرها. وصف لبيد للطبيعة حيث قال:

فعلًا فروع الأيهقان وأطفلت ... بالجلهتين ظباؤها ونعامها

<<  <  ج: ص:  >  >>