للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روضة أنفًا تضمن نبتها» البيت. ولكن ههنا توفرًا وتأملًا وانصرافًا إلى خزامى الخرج وهطول المطر عليها. وما ذكر الخرج -وهو من أخصب بلاد نجد- لمجرد التزكية، كظباء وجرة ونعاج توضح- ولكن للتحديد الذي يمهد للشاعر أن ينصرف إلى ما حدد موضعه ويتحد معه. ثم قد تأمل هذه الغادية ولو كان قد قال «هيجها من صوب غادية تهميم» لأفاد معنى جيدًا؛ لأن التهميم هو الرذاذ المتصل وذلك يكون أفوح لطيب أريح الخزامى. وما جاء باللوثاء لإكمال الوزن فغير اللوثاء يمكن أن يكمل به الوزن ويستقيم عليه المعنى كأن يقول بالخرج أو تسقيه أو ترويه أو يا صاح أو ما هو أفصح من هذا وأجزل. ولكنه جاء باللوثاء لتقريب صفة المزنة الغادية وإعطائنا حيوية مغداها الذي هو قد أحسه وانصرف إليه وأوشك بل قد اتحد معه. وجعلها لوثاء لمصاحبة الريح إياها. وجعل صوبها تهميمًا لأن المزن كذلك أكثر ما يكون مع الريح الشديدة.

أو نفحة من أعالي حنوةٍ معجت ... فيها الصبا موهنًا والروض مرهوم

حواء قرحاء أشراطيةٍ وكفت ... فيها الذهاب وحفتها البراعيم

ههنا كما ترى وقفة تأملية للحنوة - أي الريحان- مع ما سبق ذكره من الخزامى وتكرار الصفات في نعت الروضة- حواء- قرحاء- أشراطية- ثم تكرار نعت همول المطر عليها- غادية لوثاء- تهميم- ذهاب واكفة بكسر الذال أي دفعات من المطر- ثم هذه الألوان. الخزامى كأنها بلونها البنفسجي ثم الريحان وهو الحنوة ونص الشاعر على أنها حواء أي شديدة الخضرة- وقرحاء أي بعضها طال وأزهر فخالف بذلك استمرار لون الخضرة- ثم هذه البراعيم التي حفت الحنوة والروضة. ههنا، في هذه الوقفة المتأملة شعور حب يروم الشاعر أن ينقله إليك بقوة البيان لتشاركه فيه ويؤكده بإشعارك أنه فيه ذائب ومعه مندمج.

<<  <  ج: ص:  >  >>