تلك التي تيمت قلبي فصار لها ... من وده ظاهر بادٍ مكتوم
وكما الود ظاهره ومكتومه لخرقاء، هو كذلك أيضًا ظاهره ومكتومه لهذه الطبيعة الكاملة الحسن والتأنيث مثلها.
ومع الإشعار بالنهاية تكرار التشبيه. وتلك ونحوها من الإشارة ينبغي أن تعد من أدزات التشبيه الطويل وألا يقحم هذا على ما يسمى التشبيه البليغ- أي المحذوفة منه الأداة ووجه الشبه، وذلك لما سبق من ذكر أداة التشبيه.
وتأمل قوله في صفة خرقاء قبل هذا:
كأنها أم ساجي الطرف أخدرها ... مستودعٌ خمر الوعساء مرخوم
أم ساجي الطرف الظبية، أخدرها الخدر فخذلت قطيع الظباء لتعكف على ولدها.
تنفي الطوارف عنه دعصتا بقرٍ ... ويافعٌ من فراندادين ملموم
دعصتا بقر أي كثيبًا ذي بقر وهو موضع والدعص كثيب من الرمل صغير وفرندادين عني به موضعًا هو الفرنداد وما حوله بكسر الفاء والراء المهملة وسكون النون وهو وزن نادر وراجع شرح البيت في كتابنا عن قصائد ذي الرمة الأربع ص ١٤٩ من طبع الخرطوم سنة ١٣٧٧ هـ- (١٩٥٨ م).
كأنه بالضحى ترمي الصعيد به ... دبابةٌ في عظام الرأس خرطوم
ولم يكن لذي الرمة علم بصفة الخمر إلا من روايته الشعر وتذوقه معانيه وما يخلو أن يكون رأى امرأ سكران فأسبغ من صفته على تناوم ولد الظبية.
لا ينعش الطرف إلا ما تخونه ... داعٍٍ يناديه باسم الماء مبغوم