باسم الماء أي بالصوت ماء ماء وهو صوت الظبية. واستعمال ذي الرمة لاسم في هذا الموضع نحو من استعمال لبيد حيث قال:
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ... ومن يبك حولًا كاملًا فقد اعتذر
أي بالذي اسمه ماء وهو داء الظبية ولدها رحمة وشفقة أو ما يدل عليه هذا الاسم عند الظباء. والذي اسمه السلام عليكما وهو معنى الوداع في بيت لبيد. وقوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم أي بما يدل عليه اسم الله في هذا الموضع فليس الاسم بزائد وهذا ما ذهب إليه جرير في تفسيره خلافًا لي عبيدة غير أنه زعم في بيت لبيد أن السلام اسم الله سبحانه وتعالى وهذا يجوز من حيث معاصرة لبيد لأوائل الإسلام وتأثره بذلك، غير أنه ليس يخلو من بعد، والله أعلم.
كأنه دملجٌ من قضةٍ نبهٌ ... في ملعبٍ من عذارى الحي مفصوم
نبه بالتحريك أي منسي. وقد أخذ ذو الرمة في مذهب من التشبيه الطويل في داخل التشبيه الطويل الأول- وهو تشبيه الحسناء بالظبية ثم انصرف عن الظبية إلى ولدها كما ترى- ثم عاد إليها مرة أخرى ليجعلها كمزنة أي سحابة بيضاء بعد أن كانت ظبية. ولا يخفى ان هذا كله تأمل للطبيعة واعتبار للجمال والوجدان به كلا واحدًا سواءٌ تمثله في المحبوبة وفي الظبية وفي المزنة، وهلم جرا:
أو مزنةٌ فارقٌ يجلو غواربها ... تبوج البرق والظلماء علجوم
هنا صورة المزنة بها البرق يجلو بياضها ومواضع الدكنة منها ظاهرةً بتألقه فيها وافترار إشراقه عليها. وفي الصورة بعد نوعٌ من اتحاد بين الموصوفة المشبهة والمزنة المشبه بها وبين هذا الشاعر المرهف الوجدان المتأمل.
ويجيء بيت النهاية من بعد ما فيه من تكرار التشبيه باسم الإشارة:
تلك التي أشبهت خرقاء جلوتها ... يوم النقا بهجة منها وتطهيم