للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير أن معنى التشبيهع ههنا أظهر وأقوى ومعنى الالتفاتة إلى الودع نفسه أقوى في كلام غيلان.

يضحى بها الأرقش الجون القرا غردًا ... كأنه زجل الأوتار مخطوم

الأرقش الجون القرا هو الجندب والقرا أي الظهر وجعله كالعود ذي الأوتار الزجل ثم جعل العود الزجل بيدي ضاري ثمل.

من الطنابير يزها صوته ثملٌ ... في لحنه عن لغات العرب تعجيم

معروريًّا رمض الرضراض يركضه ... والشمس حيرى لها بالجو تدويم

كأن رجليه رجلا مقطفٍ عجل ... إذا تجاوب من برديه ترنيم

ذو الرمة ههنا ينظر نظرًا شديدًا إلى ذباب عنترة والقادح المكب على الزناد الأجذم والغرد الذي يحك ذراعه بذراعه وبلغ من تأثر ذي الرمة بتشبيه عنترة انه جاء بصفات على وزن فعل بفتح وكسر مثل غرد وهزج اللذين جاء بهما عنترة -فههنا عند ذي الرمة غردًا- زجل- ثمل- عجل. وقوله «يضحى بها» صدر البيت هو قول عنترة «وغدا الذباب بها البيت» بعينه إذ الإضحاء غدو ولم يجد ذو الرمة مهربًا من «غرد» - وقد جمع ذو الرمة في عجز البيت «كأنه زجل الأوتار» وصدر الذي يليه «من الطنابير» معنى عنترة حيث قال «كفعل الشارب المترنم» فههنا فعل شارب مترنم، وقول ذي الرمة مخطوم يعني به «مشدود» من شد الطنبور بالعصب كما يخطم البعير أي يشد فمه. وقوله «عن لغات العرب إلخ» جرى فيه على مذهب حميد حيث قال في الحمامة:

فلم أر مثلي شاقه صوت مثلها ... ولا عربيًّا شاقه صوت أعجما

وقد قال المثقب العبدي:

وتسمع للذباب إذ تغنى ... كتغريد الحمام على الوكون

<<  <  ج: ص:  >  >>