ثم انتقل التسميط إلى سائر البحور القصار، واستعمله الأندلسيون في الرمل من البحور الطوال، ثم شاع استعماله حتى عم كل البحور، فظهرت أنواع التخميس والتسبيع والتثمين، وكثرت الموشحات وتعددت أنواعها. إلا أن التسميط على كثرته عند المحدثين، لم يتجاوز الأنواع الثانوية من الشعر إلى الأنواع الجدية، ولم يتغلغل في البحور الطوال كما تغلغل في البحور القصار. (إذ المسمطات الطوال كانت كلها من صناعة العلماء والمتكلفين كتخميسات البردة والهمزية) ولا أحسبه يستطيع أن يتغلغل فيها، لأن طبيعته طبيعة ترنم وتغن خفيف، لا طبيعة جد واحتفال وجلالة.
وفي التسميط مع هذا عيب آخر، وهو أنه قابل جدًا لأن يدخله من أنواع القيود، ما يجعله أعسر بكثير من القافية الموحدة. وطبيعة اللغة العربية الخصبة بالقوافي تدعو إلى ذلك وتعين عليه. افرض أنك أردت أن تنظم قصيدة مسمطة، أي منوعة القوافي، قد تكتفي فيها بقافية تلتزم في كل ثلاثة أبيات أو أربعة أو خمسة. وقد تنوع فتجعل لصدور الأبيات قافية، ولأعجازها قافية أخرى، وقد تزيد في التنويع فتقسم قصيدتك إلى أجزاء، كل جزء يتكون مثلًا من خمس أشطار- بيتين كاملين وشطر منفصل، يكتب تحتهما في وسط السطر، ولصدري البيتين قافية، ولعجزيهما قافية أخرى، وللشطر المنفصل قافية ثالثة، تماثل القوافي المستعملة في الأشطار المنفصلة التي تأتي في جميع الأجزاء، هكذا: