وعن ابن جني أن النوفلية ضرب من الامتشاط والتفسيران متقاربان، ويجوز أن يصفف شعر الرأس وترفع عقائصة كأنهن الشيء المحشو المعطوف ثم يوضع على ذلك الخمار. وقد شاهد الأزهري الأعراب فتفسيره عن مشاهدة ويقويه قول جران في الفائية:«وطاح النوفلي المزخرف» يعني الخمار وقد مر الاستشهاد ببعض هذه الفائية وأولها:
ذكرت الصبا فانهلت العين تذرف ... وراجعك الشوق الذي كنت تعرف
وكان فؤادي قد صحا ثم هاجني ... حمائم ورق بالمدينة هتف
ويقول في إحداهن وهي التي سبته:
وفي الحي ميلاء الخمار كأنها ... مهاة بهجل من أديم تقطف
وأديم موضع وقوله ميلاء الخمار كقوله (في معناه) ألا تغرن امرأ نوفلية البيتين، إذ صاحبة هذه النوفلية ميلاء الخمار باد منها صفحتا عنقها وترائبها الوضح. فهي التي غره هذا منها وحديثها وهي مع صواحبها إذ يقول فيها وفيهن:
ينازعننا لذا رخيمًا كأنه ... عوائر من قطر حداهن صيف
رقيق الحواشي لو تسمع راهب ... ببطنان قولا مثله ظل يرجف
حديث لو أن البقل يولى بنفضه ... نما البقل واخضر العضاه المصنف
هو الخلد في الدنيا لمن يستطيعه ... وقتل لأصحاب الصبابة مذعف
فطلب جران أن يستطيعه فأوقعه ذلك في الضرر البليغ -وإذا بما تحت النوفلية حصاء رسحاء شرسة أو كما قال:
فتلك التي حكمت في المال أهلها ... وما كل مبتاع من الناس يربح
فنأمل أن نعرض لهذه القصيدة إن شاء الله عندما نصير إلى باب الهجاء.