فما رمت حتى أجلت الحرب عن طلى ... مقطعة فيهم وهام مطير
رمت من رام يريم أي لم تغادر ساحة القتال حتى كان النصر
على حين لا نقع يطوحه الصبا ... ولا أرض تلفي للصريع المقطر
إذ هذا يصير قبره البحر وبطون السمك. وجعل الريح صبا، ومن قبل ذكر الجنوب، للدلالة على اليمن والنصر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نصر بالصبا وأهلكت عاد بالدبور، والصبا شرقية المهب، وكما هي هبت بنصر المسلمين فهي أيضاً أسرع لمن يبحر شمالاً أو جنوباً وقد ذكر من بعد أنها تفتحت في قلوع زعيم الروم فنجا من القتل.
وكنت ابن كسرى قبل ذاك وبعده ... مليا بأن توهي صفاة ابن قيصر
وقد كانت للفرس بالحرب دربة، ولم يستطع الروم أيام أوج قوتهم أن يقهروهم وهزموا جند الجمهورية الرومية العاتية هزيمة منكرة على أيام قيصر الكبير ورفاقه الثلاثة فلم تستطع دولة الروم من بعد ذلك أن تتخطى الفرات - كان ذلك سنة بضع وخمسين قبل الميلاد في تاريخهم.
جدحت له الموت الذعاف فعافه ... وطار على ألواح شطب مسمر
الذعاف بضم الذال. وتأمل الجناس في الذعاف فعافه «والذعاف» أي السريع القتل وأصل استعماله في السم. وخلع البحتري على السفينة هنا صفة الحصان كما فعل في أول كلامه اذ قال «تشوف من هادي حصان مشهر». غير أن حصانه هذا الأول مقدم مقبل بانتصار. وحصان الرومي هذا الشطب ولكن من الواح ومسامير، مدبر مول بهزيمة وهرب. وما خلا البحتري من بعض النظر والتأثر