هو المرفأ لأنه يكلؤها، ولابد من إخراجها من عنده إلى عمق الماء حتى تستطيع الإبحار. واعتراك الكلاء والماء يكون عند حل الأنجر وقود السفينة بالأمراس إلى حيث مكان العمق، الكلاء ممسك بها، إزالتها عنه تحتاج إلى علاج. والماء تراد إليه وذلك لا بد فيه من علاج وقوله حتى «تثوب القنابل» أي حتى ترجع الجماعات من الناس إليها لتلزها فتنقاد- فإذا صارت إلى عمق من الماء رفعت أجلتها أي قلوعها والمفرد جل بفتح الجيم أو ضمها وهو أيضًا كساء الدابة وكأن أجلة جمع الجمع وهو جلال بكسر الجيم وجلول وجعل صاحب القاموس الأول للأكسية والثاني للشراع وأحسب أنه سوغ جمع الجمع هنا أن لكل سفينة جلولًا أو جلالًا فللأسطول كله أجلة وقصد جرير إلى هذا المعنى بين جلي كما ترى.
تخال جبال الثلج لما ترفعت ... أجلتها والكبد فيهن كامل
تشق حباب الماء عن واسقاته ... وتغرس حوت البحر منها الكلاكل
ولجبال الثلج انطباعة في قلب جرير من شاهد ذلك قوله في السينية التي عرض فيها بكعب بن جعيل:
هل دعوة من جبال الثلج مسمعة ... أهل الإياد وحيًّا بالنباريس
وإنما كانت منازله في الإياد والدام والأدمى وقلب جزيرة العرب حيث لا توجد جبال الثلج ولكن الآكام والحرار والفلوات الأماريت. وقوله «تشق حباب الماء عن واسقاته» أخذه من قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ} أي وما جمع وحوى. وقوله عن واسقاته أي حاملات الماء منه- شبه كل موجة بامرأةٍ حبلى أو ناقة حبلى ويقال للناقة إذا حملت وأغلقت على الماء رحمها:(هذه عبارة القاموس) واسق فكأن السفينة تشق بطن كل موجة حبلى بالماء من مائها هذا الذي تحمله وعما فيه