للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من خلق الله. وكلكل السفينة هو منها ككلكل البعير يكون مغروسًا في الماء حتى يحفظ توازنها فلا تنقلب بفعل الريح والشراع والأمواج.

وقد ختم جرير صورة الأسطول الذي رآه كأن مسامير قلوعه نخل طوال وتحريك كل سفينة منه عن مرفأها يحتاج إلى الجماعات، به، وقد ترفعت أجلته وسمت وقد ملأتها الريح وأسرعت بها فبدا الأسطول كأنه جبال لبنان على أعاليهن الثلوج، والماء منشق عن جوانبهن أبيض ذا زبد، وكأن حيتانه قد غرستهن كلا كل السفن في القاع.

هذه الصورة التي ختم بها جرير نعته نظر إليها البحتري في فاتحة كلامه حيث قال:

إذا عصفت فيه الجنوب اعتلى لها ... جناحًا عقاب في السماء مهجر

وجعله مهجرًا لأن ذلك أشد لبياض الجناحين ثم لم يكتف لهذا حتى استبدل بأجلة جرير برد امرئ القيس وبجاد كبير أناسه حيث قال:

إذا ما أنكفأ في هبوة الماء خلته ... تلفع في أثناء برد محبر

وهبوة الماء هذه فيها من قول جرير «تشق حباب الماء» ثم أكد هذا المعنى من بعد بما هو كالتفسير له حيث قال:

على حين لانقع يطوحه الصبا ... ولا أرض تلفى للصريع المقطر

وقد ختم البحتري بمثل خاتمة جرير من تأمل للريح والشراع من بعد في قوله:

مضى وهو مولى الريح يشكر فضلها ... عليه ومن يول الصنيعة يشكر

إذا الموج لم يبلغه إدراك عينه ... ثنى في انحدار الموج لحظة أخزر

<<  <  ج: ص:  >  >>