للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعرض عنه الفرزدق وجرير والأغطل والقطامي وجماعة من الشعراء الفحول في العراق وغيره من متأثري المنهج الجزل الفخم - وما ذلك إلا لأنه كان لا يلائم طبائع نظمهم. وشاع بين طبقات المولدين الأولى، وقل عند أبي تمام والبحتري ولم يقل المتنبي منه إلا كلمة واحدة:

اثلث فإنا أيها الطلل (١)

وذلك بعد أن لان طبعه عند عضد الدولة.

والكامل الأحذ المضمر من الأوزان التي نفقت سوقها عند المعاصرين. وهو في زعمي لا يلائم مذاهب الغموض والتعميق والاستعارات على الطريقة الإفرنجية، الغالبة على النظم الحديث، لأنه بحر وسط غير كثير المقاطع والأنغام، ورقة اللفظة وخفته أهم فيه من حشد الصور العقلية والمعاني المتكلفة. وأسلوب القصص والحوار أوقع فيه من إلقاء الكلام على طريقة الخطابة كما في قول الدكتور إبراهيم ناجي:

يا غلة المتلهف الصادي ... يا آيتي وقصيدتي الكبرى

زادي لقاؤك جل من زاد ... يحيا الورى وأعيش بالذكرى

فهذه خطبة لا يصلح لها الكامل المضمر، وإنما نولك أن تضع كلامك فيه على طريقة العرجي مثلا:

عوجي علي فسلمي جبر ... فيم الصدود وأنتم سفر

ما نلتقي إلا ثلاث منى ... حتى يفرق بيننا النفر (٢)

الحول بعد الحول يجمعنا ... ما الدهر إلا الحول والشهر


(١) ديوانه ٥٦١.
(٢) الأغاني ١ - ٤٠٨، وقوله: وأنتم سفر: قريبا تسافرين. وثلاث مني: ليالي الحج. النفر: انقضاء الحج.

<<  <  ج: ص:  >  >>