للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفطن قدامة إلى أن هذا غزل فأتبعه قوله وهو آخر الفصل، ولنتبع القول في الوصف بالقول في النسيب. وبيتا سلامة هما أيضًا غزل. وكأن ابن الرومي قد أخذ منها قوله في وحيد:

تتغنى كأنها لا تغنى ... من هدو الأوصال وهي تجيد

وموضع الأخذ قوله «تتغنى كأنها لا تغنى» لأنه محذو على إصغاء أصحاب سلامة وكأنهم غير مصغين وكأنهم نيام وهم غير نيام.

ومذهب الصناعة والزخرف متبين في البيتين اللذين ذكرهما من شعر عدي ابن الرقاع يصف حمارين.

يتعاوران من الغبار ملاءة ... غبراء محكمة هما نسجاها

تطوى إذا علوا مكانًا ناشزًا ... وإذا السنابك أسهلت نشراها

والبيتان مردهما -مع كثرة نحو هذا في الكلام القديم- إلى قول لبيد في المعلقة.

ولعله أن يعتذر لقدامة في الذي صنع من فرط الاختصار الموفي على حافة الإخلال بأن أمثلة الوصف كثيرة وقد جاء منها بأشياء حسنة في غير هذا، كنعت أبي كبير لتأبط شرا وكأبيات الحادرة العينية التي استشهد بها على حسن اللفظ وفصاحته.

ومن أدل الشعر على مذاهب الولدين في الوصف، وإيثارهم ما ذكرنا من زخرفة المعاني والألفاظ، معًا أو أحدهما، قول ابن الرومي، وهو مما اختير له، في تفضيل النرجس على الورد:

خجلت خدود الورد من تفضيله ... خجلًا توردها عليه شاهد

لم يخجل الورد المورد لونه ... إلا وناحله الفضيلة عاند

<<  <  ج: ص:  >  >>