فصل القضية أن هذا قائد ... زهر الرياض وإن هذا طارد
لأن النرجس يظهر أول الربيع والورد في أواخره مع أوائل المصيف:
شتان بين اثنين هذا موعدٌ ... بتسلب الدنيا وهذا واعد
والوعد والوعيد من عبارات المتكلمين.
وإذا احتفظت به فأمتع صاحب ... بحياته لو أن حيًّا خالد
وقوله:«لو أن حيًّا خالد» مع وروده كالحشو شديد المناسبة لقوله من قبل «موعد بتسلب الدنيا» - واقتنص عبارته من قول الجارية لسليمان بن عبد الملك:
أنت نعم المتاع لو كنت تبقى ... غير أن لا بقاء للإنسان
ثم زعم ابن الرومي أن النرجس أفضل من الورد لأنه زهر ونور والمشهور أن الزهر والنور واحد، إلا أنه كأنه ذهب إلى قول من يفرق بينها فيجعل الزهر ما كان أصفر اللون -فما أدري ما توجيه كلامه هنا، إلا أن يكون مراده أن النرجس أصفر وأبيض فاجتماع اللونين له وهو نفس النبات يجعله زهرًا ونورًا.
للنرجس الفضل المبين بأنه ... زهر ونور وهو نبت واحد
يحكي مصابيح السماء وتارة ... يحكي مصابيح الوجوه تراصد
عني بمصابيح الوجوه العيون. وتراصد أي تتراقب وفي القافية نوع من عمل- اللهم إلا أن يكون عني أن مصابيح السماء ومصابيح الوجوه تتراصد فالقافية على هذا مستقيمة، وفيها حذقٌ، لقوله تعالى:{فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآَنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا} فكأنه أراد الإشارة إليه والله أعلم.