للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينهي النديم عن القبيح بلحظه ... وعلى المدامة والسماع مساعد

فكأن لحظه شهاب راصد.

اطلب بعفوك في الملاح سميه ... أبدا فإنك لا محالة واجد

قوله «أبدا» فيه نظر؛ لأن الأسماء مع أذواق أهل عصرها، وأهل عصره كما يبدو لم يكونوا يسمون الفتاة «وردًا» ولكن يسمون «نرجس». ولعله لو بلغه أن بعض الناس يسمي كلبته «وردة» لاعتد هذا من ذنوب الورد ومن فضل النرجس جريًّا على طريقة الجدل التي سلكها. قوله «بعفوك» أي عفوًا وبلا تكلف.

والورد لو فتشت فرد في اسمه ... ما في الملاح له سميٌّ واجد

ثم نظر إلى مذهب العرب في نسبة الأمطار إلى الأنواء، وقد نهى عنه الشرع، فادعاه على وجه الترف، وسوغ ذلك ما كان عليه أهل عصره من الولع بالطوالع والتنجيم:

هذي النجوم هي التي ربتهما ... بحيا السحاب كما يربي الوالد

فتأمل الاثنين من أدناهما ... شبها بوالده فذاك الماجد

ولقد اشتط بابن الرومي طلب المنطق وحججه. وما للورد والنرجس والمجد- لولا حماقة ابن الرومي وفرط انسياقه مع الجدل.

وهذا الضرب عند ابن الرومي كثير وإلى محاكاته قصد الحريري في الدينارية حيث قال في مدح الدينار على لسان سروجيه:

أكرم به أصفر راقت صفرته ... جواب آفاق ترامت سقرته

مأثورة سمعته وشهرته ... قد أودعت سر الغنى أسرته

وقارنت نجح المساعي خطرته ... وحببت إلى الأنام غرته

كأنما من القلوب نقرته ... به يصول من حوته صرته

<<  <  ج: ص:  >  >>