للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باللام المزلحفة. وهي هنا ليست مزلحفة بل مؤكدة؛ لأن لام الابتداء المؤكدة في الموضع الأول من الكلام لم تزلحف عنه، فتأمل.

وجزى الله أستاذنا الشيخ عبد الله محمد عمر البناء خيرًا فقد كان أول سماعنا هذه القصيدة الرائعة منه إذ اختارها لنا في درسه وشرح هذا الحرف الذي قدمنا ذكره أنه لغة في إن- وكأنما افتتن أبو الطيب بهذا الافتتان من أبي تمام وكان كثير النظر فيه والأخذ منه فجاء به في قوله:

لهنك أولى لائمٍ بملامة ... وأحوج ممن تعذلين إلى العذل

وكان يحسن الأخذ ويبعده حين يفعل- وقال حبيب:

أربيعنا في تسع عشرة حجةً ... حقًّا لهنك للربيع الأزهر

ما كانت الأيام تسلب بهجةً ... لو أن حسن الروض كان يعمر

أو لا ترى الأشياء إن هي غيرت ... سمجت وحسن الأرض حين تغير

هذا البيت جيد، إذ الأرض تراب وأحجار ونحو ذلك. ومهما يكن منظر ذلك في نفسه حسنًا أو مقبولًا فإن اكتساءه روضًا ونواوير وشجرًا وضروب نبات وخضرة يجعله أجمل ويكسوه الحسن الذي لا ريب فيه.

وهذا المعنى الذي جاء به أبو تمام أكمل من قول أبي عبادة:

أحل فأبدى للعيون جماله ... وكان قذى للعين إذ كان محرما

فجعل أبو عبادة كسوة الخضرة حاله الطبيعية قد أحرم بسلبها، والذي جاء به أبو تمام أدق وأصوب.

يا صاحبي تقصيا نظريكما ... تريا وجوه الأرض كيف تصور

تريا نهارا مشمسًا قد شابه ... زهر الربا فكأنما هو مقمر

<<  <  ج: ص:  >  >>