هذا من الأبيات العقم. والذي صنع ابن الرومي من محاولة أخذه عناء. وتقربه من إثارة القارئ أو السامع بذكره الشعشعة وما يلابسها من معنى نشوة الخمر يشبهه شيئًا ما سبق أن وقفنا عنده من قول شوقي:
قف بتلك القصور في اليم غرقى ... ممسكًا بعضها من الذعر بعضا
كعذارى أخفين في الماء بضا ... سابحات به وأبدين بضا
فقلنا إن فيه تزلفًا إلى القارئ بالبضاضة وما يصاحبها من إثارة. ولعمري إن العذارى إذا سبحن قل أن يتبين الناظر ما يبدو وما يختفي من بضهن، وإنما يكون تبين ذلك عند رمل الساحل وما بمجراه إذ هن غير مغمورات سابحات. ويحتمل كلام شوقي أنهن أخفين البض بسبحهن وأبدينه حين صرن إلى الساحل وشمسه أو ما بمجرى ذلك.
دنيا معاش للورى حتى إذا ... حل الربيع فإنما هي منظر
معاش بالرفع أو بالجر أحب إلي والرفع جيد- أي الدنيا معترك وعمل، ثم فجأة يغلب المرء هذا الجمال، فيقف وقفة ينظر إليه. وليس المنظر بانتهاء للمعاش أو انصراف عنه، ولكنه درجة فوقه. لا يخفى أن ههنا انطباعة حسن وانفعالة قلب سجلها الشاعر أبلغ تسجيل وأوجزه.
ثم فصل بعض هذا الإيجاز من بعد:
أضحت تصوغ بطونها لظهورها ... نورًا تكاد له القلوب تنور