وتسمع للذباب إذا تغنى ... كتغريد الحمام على الوكون
قيل فيه أن الذباب هو حد نابها وقيل هو ذباب الرياض كما قال عنترة، وفي شرح ابن الأنباري إن هذين القولين كليهما مرويان عن الأصمعي. ومما روى الجاحظ أن إعرابيًّا دخل على الفضل بن سهل فوجد عنده إناء فيه عسل فيه نحلات غريقات وإنما جيء بذلك ليراه لأنه كان قد طلب طعامًا يصنع بعسل، فظن الأعرابي إن ذلك من ذباب الوحوش فاستقذره وكان دار في حديث مجلس ذلك الأمير أمر أكل العرب الضب فعابه، قالوا فقال الأعرابي:
وصف عنترة هذا مما نبه الجاحظ على جودته وإنه من التشبيهات العقم، فلا تستبعد أن يصل ذرء من ذلك من سبيل ترجمة كلا من الجاحظ أو كلام الناقلين عنه وما أكثرهم إلى شيء مما اطلع عليه مارفيل مترجمًا أو منقولًا. والشبه قوي بين طريقة صفة عنترة للذبابة وحكها ذرعًا بذراع وأنها طربة للروضة بخصبها وعطرها (لا ننس أن عنترة إنما جاء بنعت الروضة ليوضح ويقوي به معنى طيب أنفاس عبلة وإنها كفارة تاجر أو روضة أنف) وطريقة وصف مارفيل لاجتهاد النحلة وعدها ساعاتها بمزولة عطرة في روضة عطرة. وإنما تعد ساعاتها بحركة ذراعيها كما نعد نحن الساعات بحركة ذراع المزولة ههنا فكرة قول عنترة:«هزجًا وغردًا يحك ذراعًا بذراع» ثم في كلام مارفيل من معدن كلام عنترة قوله: