للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذ يذكر عنترة في صفته روضته الأنف إنها تضمن نبتها:

غيث قليل الدمن ليس بمعلم

أي نقي لا دمن فيه، وقليل هنا تفيد النفي.

مع هذا قد لا يدع قائل قوله إن كل هذا مجرد اتفاق، إذ معدن البشر واحد فخواطرهم مما تتفق.

على أن الأخذ من بعيد أو قريب لا بد أن يجزم به في القسمين السادس والسابع أنه من كلام الفلاسفة. وقد ادعى لمارفيل وأصحابه إنهم شعراء فلسفيون وسموا من أجل ذلك ميتافيزيقين -أي وراء الطبيعة- Metaphysical Poets كما يعلم القارئ الكريم أصلحه الله. وإن يكن قوله اللذات التي هي أدنى واللذات الفكرية التي هي أسمى، كل ذلك مأخوذ من مذاهب السعادة واللذة عند مدارس ما بعد أرسطو من فلاسفة يونان فإن تصوير الروح تصويرًا شعريًّا بالطائر من مشهور مانعتها به ابن سينا حيث قال:

هبطت إليك من المحل الأرفع ... ورقاء ذات تعزز وتمنع

وهو مطلع عينيته المشهورة في الروح. وابن سينا كان من أعلام الفلسفة المعروفين في أوروبا القرون الوسطى وعصور النهضة وما بعد ذلك. وأندرو مارفيل لم يكن من آخذي الفلسفة عن سماع مجالسي عابر ولكن كان من أعمق أهل عصره ثقافة وكان في فرنسا وإنجلترا وغيرهما في كبريات الجامعات كراسي لدرس العربية وما كان هو بحكم تمكنه الثقافي عن كل ذلك بمعزل.

وإن يكن مارفيل أخذ من ابن سينا مباشرة أو كالمباشرة -أي من طريق ترجمة عينيته مثلًا- أفتستبعد أن يكون وقف في الاطلاع على مترجمات العربية والفارسية - (وفيها أخذ من شعر كبار شعراء العربية كثير) - عند ابن سينا وابن

<<  <  ج: ص:  >  >>