وقبل قول أبي الطيب «وألقى السرق إلخ» قوله في الأغصان:
فقمن بما يرد الشمس عني ... وجئن من الضياء بما كفاني
فهذا هو عين معنى اعتدال مزاج الشمس الذي في قول مارفيل بحسب ترجمتنا التقريبية له في القسم التاسع:
حيث من فوقها الشمس معتدلة المزاج
أي من فوق الأزهار والأعشاب. فهذا خاطر ثامن.
وقد سبق أن قلنا أن هذا الخاطر متفق مع قول أبي تمام:
تريا نهارًا مشمسًا قد شابه ... زهر الربا فكأنما هو مقمر
وهو كذلك. ولكن عندنا أن مارفيل تتبع معاني أبي الطيب ثم ضم إليها معاني غيره على سبيل التحسين والتجويد. وقد ذكرنا أنه نظم حديقته أولًا باللاتينية ثم بالإنجليزية والتوفر على الصنعة والتجويد والتوليد مع هذا مما لا يستبعد بل هذا دال أقوى دلاله عليه. ثم إن أبا الطيب قد نظر إلى معاني أبي تمام ولد منها فكون أبي تمام أصلًا لا ينفى أن أبا الطيب قد جود وأبدع. وكون أبي الطيب أصلًا لمارفيل لا ينفى عن هذا ما قد أصابه من إحسان، ولكن تتبعه لأداء أبي الطيب ومعانيه وأخيلته شديد ملح. قد صارت الخواطر الآن ثمانية.
هذا وأخذ مارفيل معنى الضوء المعتدل من نونية أبي الطيب يرجح ما ذهبنا إليه أولًا من نظره إلى أبي تمام- وقد ترك أبو تمام طابعه في الأزاهر والأعشاب لأن اعتدال شمس أبي الطيب إنما كان بسبب أغصان الشجر، لكن اعتدال شمس أبي تمام من أجل اختلاط ضوء الشمس بزهر الربا- هذا المعنى هو الذي احتفظ به مارفيل بعد تلفيق الصورتين.