من الدنياوات إذ لا تتصور دنيا بلا بحر. ولو كان قد قال إلى أرضين أخرى وبحار لكان قد طابق أما قوله:
Far other worlds, and other seas فقوله seas دعته القافية وهو إطالة غير معيبة لأن منها إشعارًا بتخصيص البحار لدلالتها على الأفكار والعقل والخيال الذي ذكره أبو الطيب حيث قال: «لم يزل منها خيال» إلخ.
فصارت الخواطر خمسة عشر خاطرًا إذ قد ذكرنا من قبل ثلاثة عشر. ثم قد مهد أبو الطيب بقوله:
تحل به على قلب شجاع ... وترجل منه على قلبٍ جبان
لقول حصانه له، يلومه «أعن هذا يسار إلى الطعان» وفي لوم الحصان كما ترى رنة إشفاق ورفق. وحول مارفيل اللوم من لسان الحصان الذي زعمه أبو الطيب إلى لسان حال الأعشاب وضروب النبات التي تلوم Prudently أي (بحكمة لبقة) الناس على تعبهم بدلًا من أن يستمتعوا بهن ويرتاحوا. هنا خاطران متفقان- وعندنا أن هذا أخذ لا ريب فيه- وهما اللوم وكونه بحكمة ورفق وصارت الخواطر سبعة عشر.
ثم لا ننس -أيها القارئ الكريم- قول أبي الطيب -لا بل حصان أبي الطيب- «الطعان» من قولته: «أعن هذا يسار إلى الطعان»؟ والطعان جهد ونصب، فهذا يشبه أول كلام مارفيل حيث زعم أن نصب الناس وفرط جهدهم ليحصلوا على كسب الجوائز من كذا وكذا ضلال. ثم قد بدأ رموز جوائزه بالنخل وهو شجر عربي لا ينبت في بلاده، زعموا أنه ذكره لأنه رمز للنصر. والنصر إنما يكون بعد الضراب والطعان فأبت قولة المتنبي: