أهل لغته بعض أمرها فعلمه من ألم بشيء منها) - جلي واضح أن النجوم منها رامح وأعزل، قال المعري:
سكن السماكان السماء كلاهما ... هذا له رمحٌ وهذا أعزل
ثم الشهب ذوات قذفٍ كما يقذف بالرماح وبالسهام- هذا كله في العربية معروف. ففكرة إلقاء النجوم رماحها من ههنا لا من أن لها لمعات فولاذية فهذا بعيد إذ لمعاتها ضوء ثاقب ولا كذلك الحديد. هذا شيء توهمه الكاتب إذ لم يجد وجهًا غيره. وبعد هذا الذي ذكرناه يتسع لمن شاء مجال التأويل. وأما انهمال الدمع، فارتباط النجوم والأنواء بالمطر المعروف. أيضًا من ههنا أصل كلام وليم بليك. الفكرة أي شيء من الرمز كان مراده مصدر أصلها عربي، فتأمل.
وقال فيما قاله إن وصف وليم بليك للأسد بأنه يتلظى باهرًا burning bright يثير مسائل مهمة إذ يجعلنا أولًا نفكر في «عينين اثنتين متلهبتين في الظلماء» والعبارة بعد، كما قال، تجعل من النمر كله رمزًا لصفة متلهبة- الغضب، حرارة العاطفة، الحمية مثلًا. ولكن الكلمة bright (باهرًا) تخفف من حدة هذا -تدخل فيه معنًى من الضوء والإشعاع مع معنى المارج الأبيض الوهاج.
مهما يكن من شيء، لا ريب أن قوله «يا نمرًا يا نمرًا باهرًا باللظى» أو يلتهب باهرًا مع ما أوله الأستاذ هاردنق من تأويلاته وما عسى أن يضاف إلى ذلك هو عين مقال أبي الطيب:
ما قوبلت عيناه إلا ظنتا ... تحت الدجى نار الفريق حلولا
«نار الفريق فيها معنى bright» تحت الدجى فيها معنى قوله «في غابات الدجى In the forests of the night- على أن تأويل ذلك أن الدجى غابات من ظلمة كما على تأويل ذلك أن بريق عينيه يبدو مع ظلمة الليل من ظلمة الأجمة التي