هو فيها، وفي نار الفريق معنى البريق والحرارة والضوء الباهر والإشعاع. وقول أبي الطيب قبل هذا البيت مباشرة ولنأت بالبيتين معًا:
متخضب بدم لفوارس لابس ... من غيله في لبدتيه غيلا
ما قوبلت عيناه إلا ظنتا ... تحت الدجى نار الفريق حلولا
الأسد الذي نعته المتنبي في غابات الدجى -غاية من غيله أي الأجمة التي هو فيها وغابة من لبدتيه وهذا الدجى بظلمته الشاملة والعينان- ثم الهول الرهيب في قوله: متخضب بدم الفوارس وكأن دمهم يشع من عينيه موقد أثبت الهول من قبل بذكر الزئير.
ورد إذا ورد البحيرة شاربا ... ورد الفرات زئيره والنيلا
وفي ورد معنى الحمرة -وزمجرة هذا الأسد كونية تخترق الآفاق. وحديث بليك عن التوازن الرهيب «Thy fearful symmetry» هو عين قول أبي الطيب.
مال زال يجمع نفسه زوره ... حتى حسبت العرض منه الطولا
أن يصير العرض طولًا تربيع ينشأ منه توازن مخيف أو قل تدوير ينشأ منه توازن مخيف إن أولت ذلك على أن طوله صار لا يميز من عرضه لا أنها قد تساويا -الشيء الذي في كلام بليك وليس في كلام أبي الطيب هو قول بليك:
«أي يد لا بشرية وأي بصر إلخ» -فإن يكن بليك من عني إلا أن يد الأسد لا بشرية المعدن وكأنها إلهية، وأن عينه كذلك، فهو لم يخرج عن نطاق نعت المتنبي. وقد خلع المتنبي على الأسد سطوة ماردٍ من الجن أو رب من أرباب الأساطير الوثنية.
وعلى تقدير أن بليك لم يرد باليد والعين إلا يد الإله الأسطوري -كما في سياقه أي قد جسده- الذي صنع النمر فهذا غير مخرجه عن نطاق نعت المتنبي