دون بلوغه إياه فكان ذلك آخر أمره. يدل على هذا قوله:
سبق التقاءكه بوثبة هاجم ... لو لم تصادمه لجازك ميلا
خذلته قوته وقد كافحته ... فاستنصر التسليم التجديلا
فلا يمكن أن تخذل الأسد قوته من ضربة السوط وإن سقط منها كما يسقط من رمحة الزرافة له بحافرها ثم يثب عليها فلا يكون دون أكلها شيء. فينبغي للمتأمل أن يكون بدر وفرسه سمرهما خوف الأسد في مكانهما وبادر بدر إلى سوطه من فرط حماسة وحمية واستعداد أو فرط فزع ألم به من قرب الأسد، أنقذته منه حراب أصحابه الكثيرين كما يقول أبي الطيب:
أنف الكريم من الدنية تارك ... في عينه العدد الكثير قليلًا
هذا- وقد جاء بليك بالحمل إذ قال: هل الذي صنع الحمل هو الذي صنعك يأيها التيقر الشرس المخيف؟
فيكون مجيء الحمل كأول ما يتبادر إلى الذهن من معاني المسيحية. ويصير الصانع الذي ذكره على هذا الوجه هو الله، ويكون في تجسيده له، ونعته لمهارته وما أشبه ضرب من زندقة، كأنه يستغفر بذكره للحمل من ذنبه؟ لأن الحمل، على كونه ضحية هو أيضًا إله، هو ابن الله عندهم؟
على أن ضربًا من الموازنة بين شيء جريء وآخر غير جريء نجده أيضًا عند أبي الطيب في موازنته بين الأسد الذي قاتل حتى قتل والآخر الذي مضى يهرول. وقد زعم أهل الصيد أن الأسود إذا قتل منها أسد في موضع فإنها تتركه.
تلف الذي تخذ الجراءة خلة ... وعظ الذي اتخذ الفرار خليلا
أسد أبي الطيب الذي فر يهرول ليس عنده من بسالة الآخر شيء عند أبي