للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من اليمن في اليوم الذي مات فيه ابنه محمد فقال من يقول ويسليني فقال القرزدق:

إن الرزية لا رزية مثلها ... فقدان مثل محمد ومحمد

ملكان قد خلت المنابر منها ... أخذ الحمام عليهما بالمرصد

فقال لو زدتني فقال الفرزدق:

إني لباك على ابني يوسفٍ جزعا ... ومثل فقدهما للدين يبكيني

ما سد حي ولا ميت مسدهما ... إلا الخلائف من بعد النبيين

فقال له ما صنعت شيئًا، إنما زدت في حزني، فقال الفرزدق:

لئن جزع الحجاج ما من مصيبة ... تكون لمحزون أجل وأوجعا

من المصطفى والمصطفى من خيارهم ... جناحيه لما فارقاه فودعا

أخ كان أغنى أيمن الأرض كله ... وأغنى ابنه أهل العراقين أجمعا

جناحًا عقابٍ فارقاه كلاهما ... ولو نزعا من غيره لتضعضعا

فقال الآن «أ. هـ.»

كان الشعراء دعاة الدول وألسنتها. وكانوا -لحيوية الشعر واللغة وأهلها- نفاذين إلى الأغراض، يقلون الحز ويطبقون المفصل. مدح الحطيئة عمر بن الخطاب فقال:

أنت الإمام الذي من بعد صاحبه ... ألقت إليك مقاليد النهى البشر

ما آثروك بها إذ قدموك لها ... لكن لأنفسهم كانت بك الأثر

فكان ذلك مما شفع له عند عمر. وكان بالشعر عالمًا.

ومدح الفرزدق سعيد بن العاص فقال:

ترى الغر الجحاجح من قريش .... إذا من الأمر في الحدثان عالا

<<  <  ج: ص:  >  >>