ليست كأمك إذ يعض بقرطها ... قين وليس على القرون خمار
«زعموا أن صائغًا استدعي ليخلص قرط أم الفرزدق وكانت صبية فعض أذنها»(١) وكان لجرير دهاة من قومه بني يربوع يخبرونه أخبار المثالب والفضائح فيذكرها في شعره.
وكأنه كانت النساء يهجون كما كن يرثين. وذلك أشبه بأن يكون أبعد أن يثير الحفائظ إذ لا تطالب المرأة بثأر كما يطالب الرجل. ومما يشهد لصحة هذا الذي نقول به على وجه الترجيح خبر المهاجاة بين الأغلب العجلي، و «جارية من قيس بن ثعلبة» كما قال، وخبر مهاجاة النابغة الجعدي وليلى الأخيلية، وكأن الخنساء قد كانت صاحبة هجاء قبل أن تشتهر بالرثاء. وكأن قد كانت أول أمرها برزة ذات «شخصية» قوية، يدلك على ذلك خبرها مع دريد، وقد نفرت من خطبته وقالت:
معاذ الله ينكحني حبركي ... يقال أبوه من جشم بن بكر
وقد ذكروا أنها أريدت على هجاء قيس بن الخطيم، فلما رأته كبر في عينها فحلفت ألا تهجوه أبدًا.
وربما سبق الشاعر أن يعير بأمر فيهجو نفسه كالهازل. وقد أدخل أبو العلاء الحطيئة في جنة غفرانه بقوله:
أرى لي وجهًا قبح الله خلقه ... فقبح من وجه وقبح حامله