للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا كلام مهتاج فخم يناسب بحر الطويل بخلاف المتكفيء المتكسر الذي كأن صاحبه يرقص على دقات طبل.

والمناقضات القديمة في بحر المنسرح كثيرة، وأشير منها على سبيل التمثيل إلى نقائض الأنصار الفائيات، وفيها من الغزل الجنسي ما فيها. وهاك طرفًا من عينيه في المنسرح لذي الإصبع العدواني (١):

إنكما صاحبي لن تدعا ... لومي ومهما أضع فلن تسعا

إنكما من سفاه رأيكما ... لا تجنباني السفاه والقذعا

إلا بأن تكذبا علي ولم ... أملك بأن تكذبا وأن تلعا (٢)

إن تزعما أنني كبرت فلم ... ألف بخيلا نكسا ولا ورعا

أجعل مالي دون الدنا غرضًا ... وما وهي ملأمور فانصدعا

إما ترى شكتي رميح أبي ... سعد فقد أحمل السلاح معا (٣)

السيف والرمح والكنانة والنبل جيادًا محشورة صنعا (٤)

وهذه القصيدة على سمو معانيها فيها المنزع الرقصي والتكفؤ، وهي تمثل روح شيخ هدم ضاق ذرعًا بأعدائه من الشبان. ولا أحسب القاريء تفوته لمحة الحسرة على فوات الغزل في قوله: "إما تري شكتي رميح أبي سعد".

ومثال آخر من الهجائيات المنسرحيات دالية صخر الغي الهذلي (٥):


(١) نفسه ٣١١ - ٣١٢.
(٢) تلعا: تكذبا، وأصله من الإسراع والجري.
(٣) رميح أبي سعد: العصا، وأصل هذا أن لقيم بن لقمان وكنيته أبو سعد كبر حتى دب على العصا.
(٤) محشورة: جيدة الريش. صنع: جمع صنيع، وهو الجيد الصنع.
(٥) رغبة الآمل من شرح الكامل للمرصفي مصر ١٩٣٠ ج ٨ ص ١٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>