فأفٍّ لعصريهم نهارٍ وحندسٍ ... وصنفي رجال فيهم ونساء
نهاب أمورًا ثم نركب هولها ... على عنتٍ من صاغرين قماء
وقد روت كتب التراجم وغيرها مطاعنه في الأديان وضروب السياسات التي كانت على زمانه.
وكأن أبا العتاهية وأبا نواس كليهما كانا يرومان سبيل المعاريض التي فيها نقد السياسة والمجتمع ثم تهيبا ذلك. قد لقى أبو العتاهية من التصريح بهجاء عبد الله بن معن الداهية فاضطر إلى استرضائه ومصالحته. واكتفى من نقد المجتمع بذكر الموت والخراب:
لدوا للموت وابنوا للخراب ... فكلكم يصير إلى تباب
ألا يا موت لم أر منك بدًّا ... أتيت وما تحيف وما تحابي
كأنك قد هجمت على مشيبي ... كما هجم المشيب على ثيابي
وقوله:
الناس في لذاتهم ... ورحى المنية تطحن
كأنما عرض فيه بالرشيد ومن في مثل مكانه من الملك.
وقد فر أبو نواس إلى نقيض ما فر إليه أبو العتاهية من التظاهر بالتهالك على الدنيا وطلب لذاتها. ومع ذلك يقول في الخصيب:
فتى يتقي حسن الثناء بماله ... ويعلم أن الدائرات تدور
وما لذكر الدائرات ههنا من مناسبة إلا ما كان يعلمه أبو نواس من حال تقلب الدهر بأهل الإمارة والوزارة في زمانه، خصوصًا في زمان الرشيد. وروى