سبق العرب كثيرًا من الناس إلى تأليف الإبل والخيل. وجلي أن طريق التجارة قد كان من أقوى الدوافع التي دفعتهم إلى هذا السبق بتأليفها والتوفر على تربيتها كما لم تفعل أمة من الأمم في الزمان القديم. وفي أساطير العرب أن للإبل أصولًا في الجن. وكذلك الخيل لها أصول روحانية. ولو قد كان في جزيرة العرب ماء وعشب يكفي الفيل لكان العرب قد اعتنوا بتربية الفيل والزندبيل عنايتهم بالعراب من الإبل والخيل، لحاجة التجارة إلى النقل والحماية.
وعند الإنجليز أن أسماء الحصان كثيرة في لغتهم لفروسيتهم ولعنايتهم بتربية الخيل مثل قولهم «هورس وستيد وستاليون ومير»، وأسماء الخيل في العربية بحر طامٍ. ويقال إن أسماء الخيل في اليونانية مأخوذة عن العربية ولا تستبعدن هذا لقدم العرب ومعرفة قديمات الأمم بهم وقد كان اليمن من أسبق الخلق إلى الحضارة، ثم كانوا مع هذا السبق الحضاري وثيقة صلتهم بباديتهم الشاسعة التي كانت لهم حماية وردءًا. وفي أخبار اليمن أنهم بلغوا أرض التبت كما بلغوا أدغال أفريقية حيث يوجد أقوام رؤوسهم تحت أكتافهم. هذا كما قال شكسبير:
and men whose heads ...
Do grow beneath their shoulders ...
ولعله أخذه من أصول عربية وذلك كثير في شعره.
وهذه الأخبار اليمنية إنما تدل على التجارة ولا ريب أن حمايتها كانت تلزم معها شوكة وحد.
ومما يحسن الإلماع إليه في هذا الباب أن اليمن تزعم أن أفريقيس من ملوكهم هو الذي سميت به أفريقية. وهل هي من افتراق بين القارتين؟ أول قل من مادة فرق؟