ركبوا الخيل أو الإبل -أما الخيل فالفروسية تخالطها عبقرية التحدي واللامبالاة، كما قال زهير:
بخيلٍ عليها جنة عبقرية ... جديرون يومًا أن ينالوا فيستعلوا
وأن يقتلوا فيشتفي بدمائهم ... وكانوا قديمًا من مناياهم القتل
وأما الإبل فلأنها كانت تقطع بها المهامه -يتحدى بها الشاعر الهاجرة كما في يقول طرفة:
وإني لأمضي الهم عند احتضاره ... بعوجاء مرقالٍ تروح وتغندي
ألحت عليها بالقطيع فأجذمت ... وقد خب آل الأمعز المتوقد
والعرب تزعم أن الشياطين لا تقيل فراكب الهجيرة مع الجن يصحبهم أو يتحداهم.
أو يقتحم بها الشاعر ليل السرى وإنما سميت الصحراء دوية لأنه يسمع فيها دوي الجن وإلى هذا أشار ذو الرمة بقوله:
للجن بالليل في أرجائها زجل ... كما تناوح يوم الريح عيشوم
هنا وهنا ومن هنا لهن بها ... ذات الشمائل والأيمان هينوم
وقال أبو العلاء عن نفسه إنه إنسي المولد وحشي الغريزة يعني حبه التفرد والوحدة. وفي قوله بعض معنى «وحش الناس» كما في معنى البداوة في الحضارة. وقل قول أبي العلاء لا يضمنه إشارة خفية. وقد كان شديد الولع بالغريب. ومع ذلك أنحى على رؤبة باللائمة على لسان ابن القارح وقال له:«تصكون مسامع الممدوح بالجندل». واستجهله قائلًا: «لو سبك رجزك ورجز أبيك لم تخرج منه قصيدة مستحسنة، ولقد بلغني أن أبا مسلم كلمك بكلام فيه ابن ثأداء فلم تعرفها حتى