سألت عنها بالحي ولقد كنت تأخذ جوائز الملوك بغير استحقاق، وأن غيرك أولى بالأعطية والصلات» أ. هـ.
وليت شعري هل نفس أبو العلاء على رؤبة وأبيه ما أخذا من جوائز أعياه هو مع سعة غريبه أن ينال طيفًا من مثلها إذ زار بغداد؟
وإنما كان يعجب الملوك من كلام رؤبة وأبيه صحة بداوته وكانوا قومًا عربًا. والشاعر أخو الجن تنتظر منه أنفاس من لغة الجن. وأبو العلاء يعلم ذلك وبنى عليه سينيته التي جاء بها على لسان جنية أبي هدرش:
مكة أقوت من بني الدردبيس ... فما لجني بها من حسيس
وخبر ابن ثأداء هذا الذي ساقه غريب، إذ لم يكن رؤبة بالذي يجهل قول النابغة:
ردت عليه أعاليه ولبده ... ضرب الوليدة بالمسحاة في الثأد
وغرابته أن يقوله أبو مسلم وكانت أمه أمة تدعى وشيكة كما في ميمية بشار، هذا على قول من قال إنه من ولد العباس وأخفى نسبه وليس مقتله على يدي أبي جعفر بنافي نسبه إذ الملك عقيم، وابن ثأداء العاجز، أو ابن الحمقاء وكل ذلك بمعنى، وأصل الاشتقاق من الثأد بمعنى الرطوبة والاسترخاء واضح. ويكون سؤال رؤبة إن صح استغرابه عبارة أبي مسلم إذ لم يكن ظاهر أمره عنده إلا أنه ابن ثأداء. على أن المرء قد يغلبه النسيان فيجهل ما يعلمه. وأن يكون رؤبة يرجع إلى أحياء تعلم الفصاحة والغريب وحده مبرر لأخذه الجوائز. وما أرى إلا أن أبا العلاء أزله ازراؤه بقدر الرجز وأنه دون مرتبة الشعر أن يقول ما قال. وقريب من مذهبه تجاه الرجز مذهب صاحب الأغاني تجاه السجع.
ولتبدي الشعر عناصر أربعة، الفصاحة والشجاعة والفطنة والسخاء،