للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كنوز الشعر والأدب والفصاحة التي تفجرت بها عيون المعاني والبيان عند ربيعتهم ويمنهم وتميمهم وقيسهم وهذيلهم وعلى تقدير التسليم بدعوى الانتحال فإن الذي سلموا بأنه غير منحول كشعر زهير والنابغة عند الدكتور طه حسين لم يكن عند ررم القرن الميلادي الخامس والسادس والسابع وفرسه شيء يدانيه. وحسبك ذلك شاهدًا على تفوق ثقافتهم وفكرهم الذي نقول له عن يقين وكانت قراهم بالبر والبحر فرضات التجارة العالمية آنئذ وثغور مجازها. لذلك كانوا بمشيئة الله سبحانه وتعالى مهيئين لحمل الرسالة التي بلغها رسول الله الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام. ولقد كان من قوة شعورهم بها وصدق ثقتهم بالله أنهم قادرون على حملها أن نطقت بها خيولهم أيام الفتوح. فقد ذكروا أن طلال فرس البكير الشداخي لما أرادها أن تجتاز نهرًا يوم القادسية فقال لها: «ثبي أطلال» تكلمت فقالت: «وثب وسورة البقرة». إحساس فارسها أنه ليس مقدمًا بها على سلب ونهب وأمر من زينة الدنيا وكبريائها ولكن من أجل إعلاء كلمة الله وتبليغ سورة البقرة وعلوم القرآن قد صار لها هي إحساسًا، فقويت به على اجتياز النهر الذي أمامها وثبًا ما كانت لتقوى عليه لولا ما كان على ظهرها من حمل بركة القرآن.

عند كثير من المؤرخين المعاصرين وأهل الأدب أن العرب إنما عرفوا الثقافة والحضارة والعلوم بعد أن انتهى دور الفتوح وضربت الدولة الثانية بجران. وأن القرنين الثالث والرابع كانا قمة تلك الحضارة. وأن القرن السابع كان هو وما بعده عصور الانحطاط وأنه قد كان مستكنًا في أوج زمان حضارة الإسلام عنصر محافظته الذي أدى إلى تحجر تلك الحضارة وجمودها آخر الأمر. وأن التصوف شيء يوناني فارسي هندي مسيحي وأن اشتقاقه من كلمة يونانية وأن أجود شعر المسلمين الصوفي كان باللغة الفارسية. وأوشك كثير من نقد العصر أن يضرب مع الشعوبية والصليبية والعنصرية بسهام. وأوشك بعض العرب أن يستشرقوا مع المستشرقين المنطلقين من

<<  <  ج: ص:  >  >>