للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ثعلبة بن صعير:

تضحي إذا دق المطي كأنها ... فدن ابن حية شاده الآجر

أي بناه بالجص والآجور. قال تعالى: {وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ}.

وذكر علقمة بن عبدة زبنة الهوادج:

عقلا ورقما تظل الطير تخطفه (البيت)

وقال أبو ذؤيب: «كأنما كسيت برود بني تزيد الأكرع» وهي التزيديات التي ذكرها علقمة. وقال امرؤ القيس «وأكرعه وشي البرود من الخال».

وكان مما تزين به العرب. كلامها السجع والازدواج والتقسيم والترصيع وكل أولئك معدود في أبواب البديع. وكانت مما تزين به كلامها الغريب وربما اخترع الشاعر الكلمة أو جاء بها طريفة مستعارة مما لم يستعمله العرب قبله كقول الأعشى:

بالجلنار وطيب أردانه ... بالون يضرب لي يهز الأصبعا

وقول ابن أحمر «حنت قلوصي إلى بابوسها» وتسميته النار مأنوسة. وما ذكروا العريب في أصناف البديع وكأنهم قاربوا ذكره إذ في ما استشهد به قدامة في باب ائتلاف اللفظ والمعنى شيء سماه المطابق وذكر بيت الأفوه الأودي:

وأقطع الهوجل مستأنسًا ... بهوجل عيرانةٍ عنتريس

وشرح الهوجل الأولى بأنها الأرض والثانية بأنها الناقة فالحاجة إلى الشرح تنبئ عن الغرابة والاستشهاد بالكلمة المذكورة في مجال بديعي كما ترى.

وقد فرق قدامة بن الغريب والحوشي ثم اضطرب في هذا فزعم أن الحوشي مجوز للقدماء من أجل «أن من شعرائهم من كان أعرابيًّا قد غلبت عليه العجرفة ومست الحاجة إلى الاستشهاد بأشعارهم في الغريب» فتبين من هنا أن الغريب ليس

<<  <  ج: ص:  >  >>