أساليبه. وكان ينبغي أن يذكر مع هذين ذو الرمة وأن يقدم عليهما لما في شعره من متعمد بديع اللفظ كضروب جناساته نحو.
معروريًّا رمض الرضراض يركضه ... والشمس حيرى لها بالجو تدويم
وضروب استعاراته وتشبيهاته نحو:
غللت المهارى بينها كل ليلة ... وبين الدجى حتى أراها تمزق
ونحو: وساق الثريا في ملاءته الفجر.
ولكني أرى وأحسب أنهم لم يذكروه أول أصحاب البديع لإيثارهم أن يجعلوه آخر المفلقين ويشبهوه في الإسلاميين بامرئ القيس في القدماء. وما أرى أنهم أخروه عن منزلة جرير والفرزدق إلا لما أحسوه في أسلوبه من طرافة لم يخالف بها القدماء ولم يبلغ بها حاق أنفاس بداوة فحولتهم. وقد تعلم مقال أبي عمرو فيه على استحسانه لشعره أنه كنقط العروس وبعر الظباء.
ونظير الذي صنعوه مع ذي الرمة صنيعهم إذ أبوا لبشار أن يكون لاحقًا بآخر من يصح بهم الاستشهاد وجعلوه أول المحدثين وأباهم وزعموا أن سيبويه أنكر عليه «الغزلي» وزعموا أنه كانت بين الرجلين جفوة وأن سيبويه هو الذي وشى له لما أنشد في حلقة يونس بن حبيب الضبي:
بني أمية هبوا طال نومكم ... إن الخليفة يعقوب بن داود
ليس الخليفة بالموجود فالتمسوا ... خليفة الله بين الناي والعود
قال المعري بعد ذكره هذا الخبر «وسيبويه فيما أحسب كان أجل موضعًا من أن يدخل في هذه الدنيات بل يعمد لأمور سنيات». وقد كان في المعري رحمه الله شيطنة خبث دباء لا تدعه يكف من الغمز واللمز.
ولعل مما جعلهم يلحقون ابن هرمة بمن يصح بهم الاستشهاد، على ما كان له من