فعله كان يطعن في نحو هذا من تكلفه وفي نسب الخلج رهط ابن هرمة أنهم في قريش زوائد. والله تعالى أعلم.
وقد ذكر أبو الفرج رزينا العروضي أنه كان يتكلف نحو هذا ورزين على زمان دعبل ومسلم وقد اتلأب طريق البديع.
وصناعة أبي العلاء في الجمع بين محسنات الجناس وأوابد الغرب لها أصل في عمل ابن هرمة -تأمل قوله الأحوال كالحلل. وقوله:
سدوا مطالعها- رام الصدود- عاد الود- عاد ودك داء ولو دعاك- وصل صارمة- سدما- سهم- للورد ردها- سهلٌ- ماكد السهل- رد أمر لا مرد- للصرم والعلل- حومة العلل. ثم التقسيم سهل موارده إلخ.
وقد افتن الحريري بهذا النوع من اللعب اللفظي كالجناس الخطي الزخرفي الذي حين تعرى كلماته من الإعجام تشتبه وكتعرية الكلام من الإعجام مرة واحدة كهذا الذي صنع ابن هرمة ولم يبلغ به أربعين بيتًا وقد صنع ألفًا هاشم الفلاتي وهو قريب العهد من زماننا هذا نبوية ذات طول كلها حروفها غير معجمة وشطرها الشيخ مجذوب بن الشيخ الطاهر المجذوب أول ذلك:
ألا واصل الله السلام المرددا ... لأكرم رسل الله طرا وأسعدا
وأمثلة هذا الضرب في بديعيات المتأخرين كثير. ولا بأس من إيراد أبيات المقامة الحلبية. هي السادسة والأربعون وسماها الحريري الأبيات العواطل قال:
«فما لبثت أن أشار بعصيته، إلى أكبر أصيبيته وقال له أنشد الأبيات العواطل واحذر أن تماطل، فجثا جثوة ليث وأنشد من غير ريث: