وبتنا وسادانا إلى علجانةٍ ... وحقف تهاداه الرياح تهاديا
توسدني كفًّا وتثني بمعصم ... علي وتحنو رجلها من ورائيا
ينفر منه الذوق الحضاري لما فيه من مكافحة الصدق الذي يروع. ولكن المكشوف الهازل نحو:
أذرت الدمع وقالت ويلتي ... من ولوع الكف ركاب الخطر
أمتا بدد هذا لعبي ... ووشاحي حله حتى انتثر
فدعيني معه يا أمتا ... علنا في خلوةٍ نقضي الوطر
أقبلت مغضبة تضربها ... واعتراها كجنون مستعر
بأبي والله ما أحسنه ... دمع عين يغسل الكحل قطر
أيها النوام هبوا ويحكم ... واسألوني اليوم ما طعم السهر
هذا مما ينشرح له ذوق الحضارة. وما كان بشار بضرره ليرى دمع العين يغسل الكحل ويقطر به، ولكن هذا لؤلؤ تنظمه بصيرة شعره كما ترى.
وقس على ذلك أصنافًا من شعر بشار في الغزل وها هو بمجراه:
ويدخل الهجاء وما فيه من رفث القول في باب ما يلذه الذوق الحضاري. وطريق البداوة والحضارة في هذا مختلفان. البداوة ذات تخشين متعمد حين تقذع بالرفث ويكون ذلك عن انفعال حدة غضبه أو قصد إضحاك في ساعته أو بسالة هجوم صارح. من هذا الضرب الأخير:
مهلًا أبيت اللعن لا تأكل معه
ولذلك احتالت بنو عامر فكا
التي الربيع به على لسان غلام حدث لا يضيره أن يقال سيفه كما قدمنا ذكر ذلك. ومثال حدة الغضبة ما في خبر بدر مثلًا من أفحاش الصحابي بالسائل الذي أراد أن يستخبر ومخالط الغضبة استهزاء وذلك أنه خبأ خبئًا