الخلفاء لا محض التغني بفضائلهم، وإنما كان يقربه إليهم مذهب السياسة كما قدمنا ونحو قوله:
أنى يكون وليس ذاك بكائن ... لبني البنات وراثة الأعمام
وقولنا «ينبئ» لأن أكثر ما كانت تقوله العرب عن الشعر أن الشاعر قاله وإلى هذا ذهب أبو الطيب حيث قال:
ألا ليت شعري هل أقول قصيدة ... فلا أشتكي فيها ولا أتعتب
وصاغه وأنشد وأنشأ ويقولون نظم وصنع وقلما يقال ألف، وفي التأليف معنى الجمع وتقريب الشوارد وإلى معنى الجمع ذهب عدي بن الرقاع في مدحه الوليد حيث قال:
وقصيدة قد بت أجمع شملها ... حتى أقوم ميلها وسنادها
وقول مروان السغاب بكسر السين فهو جمع ساغب أي جوعان ويقال أيضًا سغبان وسغب كفرح. وما أرى أن مروان أراد أن يفخر بما كان يفخر به أهل المروءات مثل لبيد بن ربيعة حيث قال:
أغلى السباء بكل أدكن عاتقٍ ... أو جونةٍ قدحت وفض ختامها
وحيث قال:
ويكللون إذا الرياح تناوحت ... خلجًا تمد شوارعا أيتامها
أي أنه أراد الفخر بسباء الخمر وإشاعة الطعام في قدور مترعات. كلا، ولكنه جعل شعره بهذه المنزلة. شعره هو الخمر التي أغلى سباءها بما جود من تأليفه. وكذلك شعره هو القرى. والملوك والخلفاء أصحاب المنابر والأسرة هم الظماء السغاب ولديه