للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير الأغراض التي خلقه الله لها، ليشق بذلك على نفسه وعلى من بعده. وقد وجد في المولدين من أبي تمام مقلدًا مخلصًا. وذلك في قوله (١):

ما لكثيب الحمى إلى عقده ... ما بال جرعائه إلى جرده (٢)

ما خطبه ما دهاه ما غاله ... ما ناله في الحسان من خرده

وفيها يقول في نعت البعير:

سأخرق الخرق بابن خرقاء كالهيق إذا ما استحم من نجده (٣)

مقابل في الجديل، صلب القرا لو ... يحك من عجبه إلى كتده (٤)

تامكه، نهده، مداخله ... ملمومه، محزئله أجده

وهذه الأبيات مما عابه ابن الأثير في المثل السائر (طبعة مصر ١٢٨٢ هـ ص ١٨٢).

وقد أكثرت طبقات المولدين الأولى من النظم في المنسرح، كما قد أكثروا من الأحذ والسريع، إذ كانوا يحرصون على محاكاة ابن أبي ربيعة وأضرابه، ويدعون لأنفسهم من الظرف واللين ما كان لأولئك. وقصيدة بشار (٥):

قد لامني في خليلتي عمر ... واللوم في غير كنهه ضرر


(١) ديوانه ١ - ٦٩ - ٧٢.
(٢) العقد: ما تعقد من الرمل. والجرد: الفضاء الخالي من النبات.
(٣) الخرق: بفتح الخاء: الصحراء تنخرق فيها الريح. ابن خرقاء: البعير، وأمه الناقة توصف بالخرق الهيق: ذكرالنعام. النجد بالتحريك: العرق.
(٤) الجديل: من جدود الإبل، ومثله شدقم. القرا: الظهر. الكتد: عند الكتف، يقول: لو يفتش هذا البعير من عجب ذنبه إلى أعلى كتفه وجد حرا صلبا.
(٥) الأغاني ٤٠: ٣ - ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>